
الكثير يأخذ فقط ويتجاهل العطاء ..
ويعتقد أن علاقته صحيحة بمن حوله وقد يتهم الطرف الآخر بالتقصير دون أن يشعر أنه يتعامل معه بأنانية مفرطة يفكر بنفسه فقط دون التفكير بمن يشاركه حياته سواء الأم ، الأب ، الأخ ، الزوج ، الحبيب ، الصديق ، الزميل وغيرهم من المحيطين به .
نحن البشر كتلة من المشاعر خاضعة لحكم المواقف فكلما أخذنا فرحنا وكلما وجدنا من نعطيه يهملنا ويعاملنا بقانونه الأناني ، فلا يقدم لنا كما نقدم له فبالمقابل سننفر منه مع مرور الوقت مهما كانت علاقتنا بهذا الشخص قوية ومهما طال الحب إن لم يجد العطاء المتبادل سيذبل وينتهي ، وقد يموت أحيانا ،وأحيانا نضطر لدفنه حياً .
ولو رأينا هذا في تعامل الله سبحانه وتعالى مع العباد سنجد الدليل الأكبر .. حيث أنه يتعامل معنا بالعدل ، يعطينا النعم ويطلب منا الحمد والشكر عليها وتأدية واجباتنا تجاهه وعدم النكران والجحود
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )
فما إن تقاعسنا عن واجباتنا التي أمرنا بها أو عصيناه وما شكرناه حق الشكر ، حتى نرى أن هذه النعم تبدأ بالزوال واحدة تلو الاخرى ويحل غضب الله علينا وحينها نعود لرب العباد نطلب العفو والسماح ليعطينا ونعطيه بذات الوقت .
ومن الرقائق في الجود:
عُوتب جَواد على إسرافه في العطاء فقال:
إنّ الله عوّدني أن يعطيني وعوّدت عباده أن أعطيهم. وإنّي أخاف إن أنا قطعت عادتي عن العباد أن يقطع الله عادته عني…..
تذكر دائما أن كل شيء في حياتنا خاضع لقانون فلا تكن أناني وتأخذ دون أن تعطي
فعندما يكون عنوانك العطاء !!
سترى لمعة الفرح في أعيُن من قدمت له ما تستطيع ..
فترتسم البسمة على شفتيه .. وترى علامات الشكر مطبوعة على ملامحه ..حينها اسجد لله شكرا لأنه منحك نصيباً من تلك السعادة .
العطاء لا يقتصر على المال فقط بل في كل شيء ،
اعطِ من وقتك ، من عمرك ، من مشاعرك ، من تفكيرك ، من كلامك ، وقتها فقط ستشعر بقيمة العطاء وتشعر بالسعادة التي ربما تبحث عنها. ولم تجدها ولا تكن بخيلا بالمشاعر فقد
يقتصر مفهوم البخل عند الاغلبية على المال ، ولكن لايفكر أن البخل في المشاعر اكثر وجعاً ويسبب خراباً في العلاقات الإنسانية أكثر وأكثر فعندما يكون أخد الطرفين قمة في العطاء بالمشاعر والطرف الآخر بخيل بها هنا تقع كارثة لا تُحمد عقباها ، فيبدأ الطرف الآخر بالتفكير لماذا أنا من يعطي دوماً ؟؟ لماذا أنا الكريم في كل شيء والطرف الآخر بخيل ؟؟ فيكون داخله صراع قوي بين العطاء والبخل ويبدأ بالتفكير أن يتحول المعطاء لبخيل كما هو الطرف الآخر ويريد حينها أن يسقيه من نفس الكأس فيتخلى عن اجمل صفاته بالعطاء ويتحول لشخص آخر ، وتتحول العلاقة الإنسانية الى علاقة عدائية وكأنما الطرفين في حرب من يغلب الآخر ..
كل هذا يخلق فجوة كبيرة ونفور ويصبح الطرفين كقطبي المغناطيس المتنافر لا يلتقيان أبداً
وتمضي الايام والسنين حتى تنتهي تلك الحرب بإنسحاب أحد الطرفين حتى لو كان هناك بقايا للحب ما زالت تسكن قلوب الطرفين .. لكنه يبقى الصراع داخلهم
بين الحب واللا حب .
الاجمل من العطاء .. هو ان تكون معطاء وانت في قمة الحب والرضى .
يا بخيلا بالمشاعرِ لا تَعْتّب
حين يَتَغَير عليكَ المُحِب
وتقول تَغَيّر عليَّ وتَستَغرب
التواصلُ أخذٌ وعطاءٌ بِحُب
لا تكن أنانياً تَأخُذ وللريحِ تَرْكب
فغَيركَ مثلكَ إنسانٌ يُريّد ويَرْغَب
ستَنُدمُ وتَخْسرُ وعليكَ لا عتب
ومن أعْطى رَبَحَ وفِراقُك مَكْسب