مواضيع ثقافية عامة

قانون الاخذ والعطاء

الاخذ والعطاء

ستَنُدمُ وتَخْسرُ وعليكَ لا عتب
ومن أعْطى رَبَحَ وفِراقُك مَكْسب

الكثير يأخذ فقط ويتجاهل العطاء ..
ويعتقد أن علاقته صحيحة بمن حوله وقد يتهم الطرف الآخر بالتقصير دون أن يشعر أنه يتعامل معه بأنانية مفرطة يفكر بنفسه فقط دون التفكير بمن يشاركه حياته سواء الأم ، الأب ، الأخ ، الزوج ، الحبيب ، الصديق ، الزميل وغيرهم من المحيطين به .
نحن البشر كتلة من المشاعر خاضعة لحكم المواقف فكلما أخذنا فرحنا وكلما وجدنا من نعطيه يهملنا ويعاملنا بقانونه الأناني ، فلا يقدم لنا كما نقدم له فبالمقابل سننفر منه مع مرور الوقت مهما كانت علاقتنا بهذا الشخص قوية ومهما طال الحب إن لم يجد العطاء المتبادل سيذبل وينتهي ، وقد يموت أحيانا ،وأحيانا نضطر لدفنه حياً .

ولو رأينا هذا في تعامل الله سبحانه وتعالى مع العباد سنجد الدليل الأكبر .. حيث أنه يتعامل معنا بالعدل ، يعطينا النعم ويطلب منا الحمد والشكر عليها وتأدية واجباتنا تجاهه وعدم النكران والجحود
( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )
فما إن تقاعسنا عن واجباتنا التي أمرنا بها أو عصيناه وما شكرناه حق الشكر ، حتى نرى أن هذه النعم تبدأ بالزوال واحدة تلو الاخرى ويحل غضب الله علينا وحينها نعود لرب العباد نطلب العفو والسماح ليعطينا ونعطيه بذات الوقت .
ومن الرقائق في الجود:
عُوتب جَواد على إسرافه في العطاء فقال:
إنّ الله عوّدني أن يعطيني وعوّدت عباده أن أعطيهم. وإنّي أخاف إن أنا قطعت عادتي عن العباد أن يقطع الله عادته عني…..

تذكر دائما أن كل شيء في حياتنا خاضع لقانون فلا تكن أناني وتأخذ دون أن تعطي
فعندما يكون عنوانك العطاء !!
سترى لمعة الفرح في أعيُن من قدمت له ما تستطيع ..
فترتسم البسمة على شفتيه .. وترى علامات الشكر مطبوعة على ملامحه ..حينها اسجد لله شكرا لأنه منحك نصيباً من تلك السعادة .
العطاء لا يقتصر على المال فقط بل في كل شيء ،
اعطِ من وقتك ، من عمرك ، من مشاعرك ، من تفكيرك ، من كلامك ، وقتها فقط ستشعر بقيمة العطاء وتشعر بالسعادة التي ربما تبحث عنها. ولم تجدها ولا تكن بخيلا بالمشاعر فقد
يقتصر مفهوم البخل عند الاغلبية على المال ، ولكن لايفكر أن البخل في المشاعر اكثر وجعاً ويسبب خراباً في العلاقات الإنسانية أكثر وأكثر فعندما يكون أخد الطرفين قمة في العطاء بالمشاعر والطرف الآخر بخيل بها هنا تقع كارثة لا تُحمد عقباها ، فيبدأ الطرف الآخر بالتفكير لماذا أنا من يعطي دوماً ؟؟ لماذا أنا الكريم في كل شيء والطرف الآخر بخيل ؟؟ فيكون داخله صراع قوي بين العطاء والبخل ويبدأ بالتفكير أن يتحول المعطاء لبخيل كما هو الطرف الآخر ويريد حينها أن يسقيه من نفس الكأس فيتخلى عن اجمل صفاته بالعطاء ويتحول لشخص آخر ، وتتحول العلاقة الإنسانية الى علاقة عدائية وكأنما الطرفين في حرب من يغلب الآخر ..
كل هذا يخلق فجوة كبيرة ونفور ويصبح الطرفين كقطبي المغناطيس المتنافر لا يلتقيان أبداً
وتمضي الايام والسنين حتى تنتهي تلك الحرب بإنسحاب أحد الطرفين حتى لو كان هناك بقايا للحب ما زالت تسكن قلوب الطرفين .. لكنه يبقى الصراع داخلهم
بين الحب واللا حب .
الاجمل من العطاء .. هو ان تكون معطاء وانت في قمة الحب والرضى .

يا بخيلا بالمشاعرِ لا تَعْتّب
حين يَتَغَير عليكَ المُحِب

وتقول تَغَيّر عليَّ وتَستَغرب
التواصلُ أخذٌ وعطاءٌ بِحُب

لا تكن أنانياً تَأخُذ وللريحِ تَرْكب
فغَيركَ مثلكَ إنسانٌ يُريّد ويَرْغَب

تَحَرّروا ولا تكونوا عبيداً

تحرروا


وضع الله سبحانه جميع الأسس والأنظمة وأرسلها للبشر عن طريق الأنبياء والرسل عبر العصور موثقة في الكتب السماوية ليرتقي الانسان بنفسه وبالمجمتع ، وليعبده هو فقط ويترك عبادة الأصنام البشرية والحجرية والحيوانية وعبادة الايات الكونية ..
فالله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق عبثاً، بل وضع لهم المنهج الواضح، والشريعة المُحكمة ورسم لهم طريق التعامل وبَيّنَ كيفية تسيير المعاملات حتى نُنصف أنفسنا ونعطيها حقها من العقل وصفة الإنسانية التي اختصنا الله بها ، ومن ثم نستطيع التعامل مع بقية الناس بإنصاف لبناء مجتمع سليم ، مهما اختلفت ألوانهم وأعراقهم ومذاهبهم ..
ولكن رغم كل الرسائل السماوية التي وصلت إلينا لتنتشلنا من الضلالة والجهل فما زال هناك الكثير من البشر يفتقد الصفة الإنسانية في ذاته البشرية ولا يناله منها سوى اسم إنسان ، قال تعالى عز وجل
((وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))
هكذا قول الحق جاء ليُبَيّن لنا أنواع الظلم وأشكاله المتعددة ومن تلك الأنواع التي تؤثر بالسلب على الشخص نفسه ومن ثم على من حوله ..
هي ( العبودية )
فلو عدنا إلى مفهوم العبودية لغةً نرى أنها تعني التذلل والخضوع والانقياد، وهذا يجب أن لا يكون سوى لله عز وجل .. ولكن هناك الكثير من البشر جعلوا العبودية لغيره سبحانه
واندرجوا تحت مسمى ( عبداً لل ….) بعدّة أشكال ،وهناك حالات كثيرة تبين لنا كيف يكون الإنسان عبداً لغير الله منها:
*أن يبتعد الإنسان عن خالقه ويتخلّف عن عبادته وتوحيده..
* أن يترك روح الدين وهو التعامل بإنسانية وأخلاق مع أخيه الإنسان ونظيره بالخلق ..
* أن يلهث سعياً للمناصب والكراسي مضحياً بمبادئه مغيراً أيّاها كما يشاء أسياده ، ، يتلون حسب الفصول ،مستخدماً غيره جسوراً ليعبر عليهافقد باع دينه ودنياه ..
وأن يصنع له إله من البشر يَتبّعه بالقول والفعل..
* أن يمشي وراء كلام الناس ولا يتقدم خطوة في حياته ولا يحقق أي نجاح وتقدم ينفع به نفسه ومجتمعه ..
* أن يَتْرُك سعادته وراحته ويُحَرّم على نفسهِ ما حلّل الله بحجة الإيثار والتضحية بما يرغب به قلبه وروحه .فقد ظَلم نفسه ظُلما كبيراً ( فلنفسك عليك حق )
* أن يكون تابعاً لنزواتهِ وشهواتهِ الحيوانية ورغباته التي حَرّم الله ، راكضاً وراء دنيا فانية دون أن تردعه الأخلاق والدين مما يؤدي به هذا الطريق لحفرة جحيم في الدنيا قبل الآخرة ..
* أن يمشي أعمى خلف أفكارٍ بالية وتقاليدٍ لا تمت للإنسانية بأي صلة وهو بذلك يدفن عقله وقلبه بيده ..
* أن يردّد كالبغاء كل ما يسمع دون أن يَتَحقْق ويُفَكْر ويَبْحَث ، وسينتهي به الأمر لمجردِ تابعٍ لغيره دون أن يشعر ..
*أن يركض وراء المال ويحلّل كل الطرق غير المشروعة ويدوس على غيره لجمعه ..
*أن يعيش في الماضي ويبحث في الملفات القديمة ويهدم حاضره بيده وبذلك سيخسر الحاضر والمستقبل ..

وهكذا تختلف العبودية بأنواعها ويختلف المعبود والعابد ولكنهم جميعاً يُدْرَجْوّن تحت بندٍ واحدٍ، وهو أنهم ( عبيدٌ لغير الله )، فهم أصبحوا بعلمهم أو حتى من غير أن يعلموا عبيداً للناس ، للمال ، للكراسي ، للأفكار ، للماضي ، للأهواء ، للنزوات ، للنفس الأمارة بالسوء ، للشيطان .

فكوا قيودكم .. كَسرّوا أغلالكم ..
حَرّووا أنفسكم .. حَرّووا عقولكم ..
كونوا ذاتكم الَتي خلقكم الله عليها ..
لا تَتَصنّعْوا وتَتَلَّونوا..
تَخَلَّصوا من السجنِ الذي سَجَنْتُم أنفُسكم فيه
فصرتم عبيداً لغيركم دون أن تشعروا ..
تَذكَرّوا دائماً
خلقنا الله احراراً فلماذا نتَحوّل الى عبيدٍ؟