وضع الله سبحانه جميع الأسس والأنظمة وأرسلها للبشر عن طريق الأنبياء والرسل عبر العصور موثقة في الكتب السماوية ليرتقي الانسان بنفسه وبالمجمتع ، وليعبده هو فقط ويترك عبادة الأصنام البشرية والحجرية والحيوانية وعبادة الايات الكونية ..
فالله سبحانه وتعالى لم يخلق الخلق عبثاً، بل وضع لهم المنهج الواضح، والشريعة المُحكمة ورسم لهم طريق التعامل وبَيّنَ كيفية تسيير المعاملات حتى نُنصف أنفسنا ونعطيها حقها من العقل وصفة الإنسانية التي اختصنا الله بها ، ومن ثم نستطيع التعامل مع بقية الناس بإنصاف لبناء مجتمع سليم ، مهما اختلفت ألوانهم وأعراقهم ومذاهبهم ..
ولكن رغم كل الرسائل السماوية التي وصلت إلينا لتنتشلنا من الضلالة والجهل فما زال هناك الكثير من البشر يفتقد الصفة الإنسانية في ذاته البشرية ولا يناله منها سوى اسم إنسان ، قال تعالى عز وجل
((وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ))
هكذا قول الحق جاء ليُبَيّن لنا أنواع الظلم وأشكاله المتعددة ومن تلك الأنواع التي تؤثر بالسلب على الشخص نفسه ومن ثم على من حوله ..
هي ( العبودية )
فلو عدنا إلى مفهوم العبودية لغةً نرى أنها تعني التذلل والخضوع والانقياد، وهذا يجب أن لا يكون سوى لله عز وجل .. ولكن هناك الكثير من البشر جعلوا العبودية لغيره سبحانه
واندرجوا تحت مسمى ( عبداً لل ….) بعدّة أشكال ،وهناك حالات كثيرة تبين لنا كيف يكون الإنسان عبداً لغير الله منها:
*أن يبتعد الإنسان عن خالقه ويتخلّف عن عبادته وتوحيده..
* أن يترك روح الدين وهو التعامل بإنسانية وأخلاق مع أخيه الإنسان ونظيره بالخلق ..
* أن يلهث سعياً للمناصب والكراسي مضحياً بمبادئه مغيراً أيّاها كما يشاء أسياده ، ، يتلون حسب الفصول ،مستخدماً غيره جسوراً ليعبر عليهافقد باع دينه ودنياه ..
وأن يصنع له إله من البشر يَتبّعه بالقول والفعل..
* أن يمشي وراء كلام الناس ولا يتقدم خطوة في حياته ولا يحقق أي نجاح وتقدم ينفع به نفسه ومجتمعه ..
* أن يَتْرُك سعادته وراحته ويُحَرّم على نفسهِ ما حلّل الله بحجة الإيثار والتضحية بما يرغب به قلبه وروحه .فقد ظَلم نفسه ظُلما كبيراً ( فلنفسك عليك حق )
* أن يكون تابعاً لنزواتهِ وشهواتهِ الحيوانية ورغباته التي حَرّم الله ، راكضاً وراء دنيا فانية دون أن تردعه الأخلاق والدين مما يؤدي به هذا الطريق لحفرة جحيم في الدنيا قبل الآخرة ..
* أن يمشي أعمى خلف أفكارٍ بالية وتقاليدٍ لا تمت للإنسانية بأي صلة وهو بذلك يدفن عقله وقلبه بيده ..
* أن يردّد كالبغاء كل ما يسمع دون أن يَتَحقْق ويُفَكْر ويَبْحَث ، وسينتهي به الأمر لمجردِ تابعٍ لغيره دون أن يشعر ..
*أن يركض وراء المال ويحلّل كل الطرق غير المشروعة ويدوس على غيره لجمعه ..
*أن يعيش في الماضي ويبحث في الملفات القديمة ويهدم حاضره بيده وبذلك سيخسر الحاضر والمستقبل ..
وهكذا تختلف العبودية بأنواعها ويختلف المعبود والعابد ولكنهم جميعاً يُدْرَجْوّن تحت بندٍ واحدٍ، وهو أنهم ( عبيدٌ لغير الله )، فهم أصبحوا بعلمهم أو حتى من غير أن يعلموا عبيداً للناس ، للمال ، للكراسي ، للأفكار ، للماضي ، للأهواء ، للنزوات ، للنفس الأمارة بالسوء ، للشيطان .
فكوا قيودكم .. كَسرّوا أغلالكم ..
حَرّووا أنفسكم .. حَرّووا عقولكم ..
كونوا ذاتكم الَتي خلقكم الله عليها ..
لا تَتَصنّعْوا وتَتَلَّونوا..
تَخَلَّصوا من السجنِ الذي سَجَنْتُم أنفُسكم فيه
فصرتم عبيداً لغيركم دون أن تشعروا ..
تَذكَرّوا دائماً
خلقنا الله احراراً فلماذا نتَحوّل الى عبيدٍ؟